الوجه الآخر لليتكوين Bitcoin
وصلت شعبية البيتكوين إلى درجة الغليان في السنة الماضية, لتصبح موضع فحص وتدقيق بشكل غير مسبوق نظراً للارتفاع المذهل في قيمتها. وتحولت هذه العملة المشفرة إلى مفهوم مبالغ فيه مع قيام العديد من الأشخاص بالترويج فقط للارتفاعات في سعر البيتكوين, ليجعلوها تبدو كظاهرة قادرة على تشكيل مستقبلنا المالي. قبل الوصول إلى استنتاج واضح حول فائدة البيتكوين, أعتقد بأنه من المفيد أن نتبع منهجاً نقدياً لدراسة البيتكوين بصفتها ابتكار تكنولوجي وأداة استثمارية, مع الأخذ بالحسبان كل من الإيجابيات والسلبيات.
سأضع فيما يلي الخطوط العريضة لبعض تعقيدات البيتكوين من منظور تكنولوجي.
عملية إنتاج بطيئة جداً
ترتبط العملة المشفرة بسجل blockchain الذي يقوم على تقنية سجل الحسابات العمومي المدعومة من قبل المستخدمين دون إدارة مركزية. ويتم التحقق من المعاملات على شبكة لا مركزية من أجهزة الحواسيب في جميع أنحاء العالم, مما يجعل التلاعب بها أمراً صعباً.
إن طبيعة تقنية blockchain تتطلب أن يتم التضحية ببعض السرعة والموارد, مما يجعل من عملية إنتاج البيتكوين بطيئة للغاية. وكذلك فإن تعدين البيتكوين يتطلب الكثير من الموارد التي يمكن تلخيصها بما يعادل 10,1 برميل نفط لإنتاج عملة بيتكوين واحدة (يستهلك إنتاج كل عملة بيتكوين أكثر من سبعة أضعاف الطاقة اللازمة لإنتاج أوقية واحدة من الذهب التي تتطلب ما يعادل 1,4 برميل نفط وفقاً لتقرير موقع SRSrocco).
معالجة بطيئة للمعاملات
تعتبر معاملات البيتكوين بطيئة جداً مقارنة بالبنوك التي تتعامل ببطاقات الائتمان. حيث تقوم شركة Visa بمعالجة 150 مليون معاملة يومياً, بمتوسط يصل إلى 1,700 معاملة في الثانية, بينما تعالج شبكة البيتكوين 7 معاملات في الثانية. وهذا يشير إلى حقيقة أن إمكانية عمل البيتكوين كنظام دفع فعال قد تراجعت نوعاً ما كونها لا تستطيع أن تنافس أنظمة الدفع السائدة الأخرى.
تستغرق معالجة المعاملات حوالي 10 دقائق, ومع نمو شبكة مستخدمي البيتكوين سيزيد وقت الانتظار بسبب زيادة عدد المعاملات التي يجب معالجتها دون وجود تغيير في التقنية الأساسية التي تعالجها.
يمكن زيادة سرعة عملية التحقق من المعاملة عبر استخدام حلين رئيسيين: إما بجعل كمية البيانات التي تحتاج إلى التحقق أصغر في كل كتلة, مما يجعل من المعاملات أسرع وأرخص. أو بجعل كتل البيانات أكبر, بحيث يمكن معالجة المزيد من المعلومات في نفس الوقت. إلا أنه من الصعب أن يتمكن النظام اللامركزي من حل هذه المشكلة.
مخزون البيتكوين محدود
يمكن استخراج 21 مليون عملة بيتكوين فقط. وهذا يعني أن مخزون البيتكوين محدود وسوف ينتهي في المستقبل القريب ما لم يتغير بروتوكول البيتكوين ليسمح بمخزون أكبر. يبلغ المخزون الحالي حوالي 16 مليون أو أكثر. فإذاً ما هي الفائدة المرجوة من الاحتفاظ بكل مناجم تعدين البيتكوين الحالية والتي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة لمجرد دعم البروتوكول؟ من المعروف أن تكاليف معاملات البيتكوين تقترب من الصفر, ومن المثير للاهتمام أن هذه التكاليف لا يمكن أن تحافظ بشكل فعلي على شبكة البيتكوين. والقيام بزيادة رسوم المعاملات ليست حلاً قابلاً للتطبيق, طبعاً لأن هذا ليس ما يتوقعه الناس على الإطلاق.
بعد إلقاء نظرة فاحصة على بعض الخصائص التقنية الرئيسية للبيتكوين, دعونا نستكشف بعض الجوانب الهامة الأخرى التي يجب على كل مستثمر في العملات المشفرة أن يكون على دراية بها:
البيتكوين متقلبة
مما لا شك فيه أن عام 2017 كان العام الذي سجل فيه سعر البيتكوين أعلى ارتفاع, حيث تحرك من سعر 1,000 دولار إلى أقل من 20,000 دولار بقليل, قبل أن ينخفض إلى حوالي 13,000 دولار في نهاية العام. يتفق الخبراء الماليون بشكل جماعي على أن البيتكوين تخضع لتحركات الأسعار المفاجئة في وقت قصير. ومن المرجح أن العملات المشفرة ستفقد بعضاً من ذلك التقلب مع الزمن, ومع هذا فإن تشكيل محفظة متنوعة واتباع خطة قوية لإدارة المخاطر قد يكون الخيار الأمثل لأولئك الذين يسعون للتعامل بالعملات المشفرة.
مسألة الشرعية /القانونية
لقد تضاعفت شعبية البيتكوين بشكل كبير نظراً لأن هذه العملة المشفرة تصبح سائدة أكثر. لكن في ضوء أن شعبية البيتكوين وقيمتها السوقية أثرتا على قيمة العملات الرسمية, اتخذت العديد من الحكومات إجراءات صارمة بشأنها بما في ذلك فرض حظر تام على تداول البيتكوين. وبشكل عام فإمكانيات العملات المشفرة والتقنية الكامنة وراءها لا تزال غير مفهومة تماماً للمنظمين العالميين, وقد يكون هذا هو السبب في أن بعض الحكومات لم تحدد بعد اللوائح التنظيمية التي تطبق على استخدام البيتكوين.
الخلفية النفسية للتسعير
من الخطأ الظن أن قيمة البيتكوين ستستمر في الزيادة للأبد. ونظراً لكون سوق البيتكوين جديد نسبياً دون وجود آلية مؤكدة للتنبؤ بسلوكها المستقبلي, فإنه يجب على المستثمرين أن يكونوا حذرين كون هذه العملة تخضع لعوامل يصعب التحكم بها, بما في ذلك معدلات القبول, والصحافة السلبية, وعدم اليقين السياسي والموقف التنظيمي. وكما هو الحال مع أي تكهنات غير مؤكدة فإن القاعدة الجيدة التي يجب اتباعها هي أن تستثمر ما يمكنك تحمّل خسارته فقط.
أفكار أخيرة
بشكل عام, استحوذت عملة البيتكوين على اهتمام المضاربين الماليين وأثبتت نفسها كاستثمار بديل للعملات الرسمية. والطلب على البيتكوين موجود, لكن من السابق لأوانه التنبؤ فيما إذا كانت البيتكوين قد وجدت لتبقى كابتكار ثوري, أم أنها مجرد طفرة مضاربة أخرى. قبل البدء في تداول البيتكوين, تأكد فيما إذا كانت هذه الحركة الاستثمارية مناسبة لك بالنظر إلى ظروفك الشخصية كمستوى خبرتك, وتركيبة محفظتك, وشهيتك للمخاطرة. وغني عن القول أن ممارسة إدارة المخاطر المناسبة هي أفضل طريقة للتحكم بمخاطر التداول الخاصة بك.
ما رأيك في البيتكوين؟ أخبرنا في قسم التعليقات أدناه.
تعليقات
إرسال تعليق